أداء مخيب وتراجع أهمية القطاع

 

انعكست مجموعة من العوامل بقوة على أداء القطاع في السنوات الأخيرة، بعضها يقع تحت سيطرة شركات التأمين بشكلٍ مباشر، يُضاف إليها مجموعة من العوامل الخارجية.

النمو الاسمي للناتج المحلي الإجمالي يتخطى نمو أقساط التأمين.

تواجه شركات التأمين تحديات عديدة في تحقيق النمو والعوائد. وشهد العقدان الماضيان نمو الاقتصادات بوتيرة تخطت أقساط التأمين، ما يشير إلى أن وتيرة النمو في شركات التأمين كانت أقل من نمو الاقتصادات التي تنشط فيها. وسجل الناتج المجلي الإجمالي الاسمي في الولايات المتحدة وأوروبا نموا بمعدل نمو سنوي مركب بلغ 4 % على مدار العشرين عاما الماضية،

بينما لم يتجاوز معدل النمو السنوي المركب لأقساط التأمين نسبة 2 %. وشهدت الاقتصادات الآسيوية، باستثناء اليابان، نموا وفق معدل نمو سنوي مركب بلغ 10 %، مقابل 3 % في أقساط التأمين.

القطاع واجه صعوبات كبيرة لتحقيق عوائد تتخطى تكلفة رأس المال.

واجه القطاع طوال العقدين الماضيين صعوبات كبيرة لتوليد عوائد تتخطى تكلفة رأس المال. كما عانت شركات التأمين لتعزيز أدائها مقارنة بنظرائها، وبقي نحو ثلثي الشركات التي كانت تسجل أدنى مستويات الأداء عند هذا المستوى نفسه لمدة عشر سنوات.

شركات التأمين لم تعالج قاعدة التكاليف لديها من الناحية التنظيمية.

تأخرت شركات التأمين عن اتخاذ هذه الخطوة مقارنة ببقية القطاعات. ومنذ عام 2003 ارتفعت التكلفة كحصة من الإيرادات بنسبة 23 % لدى شركات التأمين، مقارنة مع زيادة نسبتها 5 % لدى شركات التأمين على الممتلكات والحوادث، بينما تمكنت قطاعات أخرى مثل إدارة الأصول من معالجة التكاليف. وأصبح من الضروري اليوم معالجة التكاليف التنظيمية بعد ارتفاعها المتواصل على مدار عقدين من الزمن.

أهمية شركات التأمين على الحياة تتراجع في أسواق رأس المال.

تراجعت أهمية قطاع التأمين العالمي تدريجيا بالنسبة للمستثمرين ولا سيما في الأسواق العامة، نظرا لقلة العائد بعد خصم تكلفة رأس المال، والنمو الضعيف، وتقلبات الأرباح الشديدة، إلى جانب عدم وضوح المخاطر ومصادر تحقيق الأرباح والقيمة، وافتقار الشركات مرونة الأداء. ويبرز هذا التوجه بقوة في الولايات المتحدة، حيث انخفضت قيمة أبرز شركات التأمين على الحياة الأمريكية في السوق مقارنة مع نظيراتها في قطاع الخدمات المالية خلال 35 عاما الماضية من 40 % في عام 1985 إلى 17 % في عام 2005 ثم 9 % في عام 2020. ويأتي ذلك وفقا لتحليلات ماكنزي لبيانات أبرز 20 شركة تأمين على الحياة ومصرف وشركة إدارة أصول وشركة وساطة للأوراق المالية مدرجة في بورصات الولايات المتحدة.

 

تغير مصادر القيمة

تتنوع مجالات القيمة ومصادر تحقيقها في قطاع التأمين على الحياة، وتواجه الشركات خيارات متنوعة في المنتجات ومكونات سلسلة القيمة والمناطق الجغرافية.

  • تباين كبير في أبرز مناطق النمو.

برز عدد من مجالات وفرص النمو على الرغم من ضعف الأداء العام في القطاع حول العالم. ومن المتوقع في الولايات المتحدة نمو بعض المنتجات بنسبة أكبر من 5 % بين عامي 2021 و2026، بما فيها المنتجات التي توفر مستوى الحماية الأساسي مع بعض المزايا مقارنة بأداء السوق (مثل المعاشات التقاعدية الثابتة والمعاشات التقاعدية الثابتة المفهرسة والتأمين على الحياة الشاملة المتغيرة)، إلى جانب المنتجات البسيطة الهادفة إلى الحماية (مثل منتجات التأمين ضد الحوادث والتأمين الصحي التي يتم توفيرها في أماكن العمل). كما تشير التوقعات إلى حدوث تراجع بنسبة تتخطى 5 % في منتجات التقاعد التي يتحمل فيها العملاء غالبية أو جميع المخاطر.

  • تحقيق القيمة يتوجه نحو الاستثمار القائم على الأداء.

تصاعدت أهمية الاستثمار القائم على الأداء كمصدر للمزايا التنافسية في ضوء تراجع أسعار الفائدة خلال العقدين الماضيين. وعلى الرغم من الظروف المواتية ظاهريا، سيستمر تحول أسعار الفائدة الحقيقية نحو الاستثمار القائم على الأداء بعد أن بقيت منخفضة لفترة طويلة. وانخفضت عائدات مخصصات الاستثمارات الحذرة لتصبح أقل من تكلفة الاحتفاظ بالتزامات التأمين التقليدية، وهنا تكتسب شركات التأمين على الحياة ميزة تنافسية بفضل تنامي الأصول عالية العوائد وسط البيئات التي يسهل فيها جمع رأس المال.

  • شركات التأمين تقيّم المخاطر والتكاليف النقدية المرتبطة بالعمل في الاقتصادات النامية.

بدأت الشركات بإعادة التفكير في مقومات شركات التأمين العالمية. ولطالما استهدفت شركات التأمين على الحياة الأسواق المشابهة للأسواق التي تنشط بها وتقع في مناطق قريبة منها، بهدف تعزيز حصتها في السوق وزيادة عوائدها. وساهمت التقنيات الحديثة في تسريع وتيرة العولمة، مما دفع شركات التأمين إلى التوسع عالميًا، ولا سيما في آسيا، لتنويع محفظاتها وزيادة قيمتها. ومع تغير الظروف الاقتصادية العالمية اتجهت شركات التأمين نحو تقييم المخاطر والتكاليف النقدية المرتبطة بالعمل في مناطق عدة.